الخميس , 28 مارس 2024
الرئيسية / صحافة / المصري اليوم – لا أمل سواه بقلم سليمان جودة

المصري اليوم – لا أمل سواه بقلم سليمان جودة

دعانى الدكتور حسام بدراوى إلى محاضرة رائعة ألقاها أمام عدد من المدرسين جاءوا من المدارس التجريبية فى الجيزة ومحافظات القناة.

المحاضرة هى واحدة من سلسلة محاضرات، ضمن مشروع أكبر اسمه «التعليم أولاً» بإشراف من الدكتورة سلمى البكرى والدكتور محمود حمزة معاً.

والفكرة التى يقوم عليها المشروع كله هى كالآتى: لا أمل فى تقديم خدمة تعليمية جيدة، ما لم نعمل بعزيمة على عناصر ثلاثة لا رابع لها: المدرس والمنهج، ثم المدرسة!

وقد كان محور محاضرة الدكتور بدراوى هو هذه العبارة، التى لا بديل عن أن تكون محفورة فى أذهاننا: مستوى التعليم فى أى نظام تعليمى هو بالضبط مستوى مدرسيه.

المشروع مدته ثلاث سنوات، ويقوم على هدف لا يغيب عنه، هو تدريب مديرى ووكلاء «التجريبية» البالغ عددها 700 مدرسة بامتداد الجمهورية، وهذه مرحلة أولى انتهت، لتليها مرحلة حالية تركز على المدرس ثم المدرس، ثم المدرس، فى الـ700 مدرسة!

وتحت شعار «التعليم أولاً» الذى كان يرفعه المشروع، كان هناك شعار آخر يقول: عندما يصبح التعليم قضية وطن.

وكما ترى، فإن عبارة «عندما يصبح التعليم قضية وطن» هى مبتدأ، أما الخبر فى الجملة فهو أن الوطن الذى يصبح التعليم أولوية عنده يرتقى بالضرورة ليأخذ مكانه، ثم مكانته، بين الأمم الناهضة.

وحين أرادت الدكتورة سلمى استدعاء تجربة عملية تؤكد يقينها فى حصيلة التعليم، إذا ما صار أولوية فإنها عرضت على الحاضرين صورتين من اليابان : صورة عام 1945 لمدرس يابانى يعلم تلاميذه فى العراء، بعد أن ضربت الولايات المتحدة مدينتى «هيروشيما» و«نجازاكى» بالقنابل النووية، وسوتهما بالأرض، ثم صورة أخرى للمكان ذاته فى عام 2015، وقد أصبح مزروعاً بناطحات السحاب، بفضل التعليم، ولا شىء غير التعليم!

وقد ذكرتنى المقارنة ذات الدلالة البالغة، بين الصورتين، بما كانت السيدة «روسيف»، رئيسة البرازيل، قد قالته وهى تبدأ، قبل عدة أشهر، ولايتها الرئاسية الثانية.. قالت: فى ولايتى الأولى، كان الفقر قضيتى، وقد أخرجت خلال السنوات الأربع الأولى 40 مليون برازيلى من تحت خط الفقر، وفى ولايتى الثانية، فإن التعليم وحده هو قضيتى، التى لا تنافسها عندى أى قضية أخرى!

يؤدى هذا المشروع العظيم مهمته المقدسة، وينتقل من مرحلة فيها إلى مرحلة أخرى، موقناً بما قاله الدكتور بدراوى، فى محاضرته، عن أن مستوى التعليم فى أى نظام تعليمى، هو حقاً مستوى مدرسيه.. لا أكثر منه، ولا أقل.

ولو كان الأمر فى يدى، لمنحت كل قائم على المشروع، وكل مشارك فيه، جائزة ذهبية، تليق بجلال المهمة التى يسعى إليها مشروع كهذا، فى غايته حين يكتمل.

وإذا كان المشروع يتعامل مع مديرى، ووكلاء، ومدرسى المدارس التجريبية فى حدودها، فهناك بخلافها 52 ألف مدرسة حكومية تنتظر مشروعاً مماثلاً تتبناه الدولة بكل إمكاناتها، ولا تبخل عليه بشىء.. أى شىء.. إذ ليس أفضل من استثمار يكون البشر هم بدايته، وهم نهايته.

قرأت فى الفريق الاستشارى للمشروع، أسماء الدكاترة والأساتذة التالية أسماؤهم: أحمد درويش، نرمين نعمانى، أحمد حشيش، شريف الطويل، عزة الشربينى، صلاح عايشى.

والمعنى أن التعليم يمثل أولوية وطن، عندهم، ومعهم الدكتور بدراوى، والدكتورة البكرى، والدكتور حمزة، وهى مسألة لا تكفى، لأن تلاميذ التجريبية لا يزيدون على المليون طالب، ليبقى ملايين آخرون، فى 52 ألف مدرسة حكومية، فى انتظار أن يصير التعليم كله أولوية عند الرئيس، وعند الدولة بكل مستوياتها من بعده.

«التعليم الأولوية» هو الذى صنع اليابان، وهو الذى صنع كوريا الجنوبية، وهو الذى صنع البرازيل، وهو أملنا الذى لا أمل سواه.

التعليقات

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *