الخميس , 9 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -‏ عام مضي وعام يأتي ‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -‏ عام مضي وعام يأتي ‎

عام مضي وعام يأتي
بقلم حسام بدراوي
في بداية عام جديد ، راجعت أفعالي وأقوالي وما قرأت وما سمعت وما شاهدت ، وهذا المقال هدفة مشاركة ‏القارئ في بعضٍ مني، لعلي أضيف خبرة ، ولعلي أزرع ثمرة، ولعلنا نتفائل ببكرة ونعي سوياً جمال الحياة ‏ونشكر الله علي فضله، فقد يكون الظلام مقدمة للنهار ، وقد يكون الألم هدفه تنقية النفوس، وقد تكون المحنة ‏طريقاً للنجاة. ‏
عام جديد ثري لمن يقرأ، وأيام خير ونور لمن يقرأ ويفهم، وأمل و إشراق لكل من لا يًُحوّل المؤيد إلى ‏خادم، والمعارض إلى خائن، والمختلف فى الرأى إلى عميل فالصورة بلون واحد لا قيمة لها، واختلاف الألوان ‏والشخوص والرؤى هو ما يجعل لها وزنًا ويشكل مستقبلًا أفضل.‏
جمال مصر فى تعدد الأفكار وتنوع التوجهات. القيمة الأساسية لوجود مصر بجانب تاريخها الإنسانى ‏والحضارى غير المسبوق منذ آلاف السنين ومنذ بدء التنوير هى تنوع أبنائها. فلنفخر بتنوعنا فى الفكر والدين ‏والرأى، ولنتمسك بتوحدنا فى السعى لرقى المجتمع وسعادته. نتفق على هدف ولتتعدد الوسائل.‏
‏”إن ثروة مصر الحقيقية هى فى مواطنيها عبر التاريخ. فمن صنع الحضارة المصرية فى أقدم دولة فى التاريخ ‏هم المصريون، ومن بدأ التنوير فى المنطقة، كانوا المصريين، وخوفى و قلقى أن نفقد أهم كنوزنا وهم أطفالنا ‏وشبابنا، سواء بتدنى مستوى التعليم أو بتطرف الفكر، أو رجعية السلوك، أو فقدان القيم
وعلينا ان نكون مستعدين للاختيار و للحسم الثقافي والاجتماعى و السياسى الذى لا يخدم فقط تنوير العقول ‏ويغير شكل مستقبل البلاد ويلائم تطور البشرية ، بل يكون صانعها. ‏
‏ نحن لا نريد نصف انفتاح ونصف انغلاق..النصف لا يصل بنا الي خط النهاية فلا نفوز بأي شئ ، ولا نستطيع ‏بداية جديدة .‏
‏”أن نكون متفائلين، يعنى أن نرى النور وسط الظلام، أن نشعر أنه رغم جميع التحديات والمصاعب والآلام لا ‏يزال هناك الكثير نحبه في الحياة، وهو جميل ويستحق أن نعيش ونناضل ونكافح لتحقيقه والوصول إليه”‏
‏”الدرس الذي تعلمته من ثورة يناير هو أن الثورات تحدث عندما ينقطع الأمل فى إحداث حركة وتغيير يمس ‏حقيقة احتياج الجماهير بالطرق الشرعية. الثورة هى فى التعريف الأكاديمى عمل غير شرعى ضد نظام قائم. إذا ‏نجحت أصبح النظام مجرمًا ومتهمًا ومذنبًا، وإذا فشلت أصبح الثوار مجرمين وخارجين على النظام. الأبطال ‏والمجرمون يغيرون أماكنهم لأن من يكتب التاريخ هم المنتصرون فقط”.‏
‏”إن واقع الحياة الذى آمنت به وتأكد إيمانى به أنه بين الحين والآخر ، أننا أحيانًا نحتاج إلى هزة وإفاقة، ولكننا ‏لا نحتاج إلى هدم وفوضى. “‏
وتعلمت أن الحكم الرشيد يتيح التغيير من داخله، وبرؤية معلنة، ويسمح بالتداول السلمى للسلطة بدون إحتياج ‏لثورات”.‏
الحكم الرشيد يستمع إلى المختلفين معه، ويتحاور مع من له وجهة نظر مختلفة، ولابد له من خبراء ومستشارين ‏سياسيين يقومون بذلك له وعنه. والمؤسسات الأمنية عليها أن تحمى ذلك لا أن تمنعه، لأنها تحمى نظامًا لا ‏شخصًا بذاته ، تحمى دولة تتغير فيها النظم .‏
‏”إن الفراغ السياسى خطر كبير، وإذا لم تملأه حركة سياسية واعية، وأحزاب تستطيع الحصول على مقاعد فى ‏البرلمان ستملؤه الفوضى أو منظمات الإسلام السياسى بأجنحتها المختلفة، ونعود إلى نقطة الصفر.”‏
‏ أى فراغ فى المجتمع سيتم استيعابه بشكل من الأشكال ، عندما فشلت الدولة فى التخطيط العمرانى تم ملء ‏الفراغ بالعشوائيات، وعندما تدنى مستوى التعليم وأخطأت الدولة فى جعل الشهادة وليس المعرفة والمهارة هى ‏الهدف، امتلأ الفراغ بالدروس الخصوصية والفساد، ودخلت المعادلة التعليمية مناهج التطرف واختل بناء ‏الإنسان، وعندما لم تحقق الدولة وتوفر للمواطنين مواصلات عامة محترمة تحقق احتياجاتهم، ملأ الفراغ التوك ‏توك والسرفيس والفوضى.. هكذا فى كل مجال، حتى فى حياتنا الأسرية، إذا لم تملأ المدرسة والجامعة والمنزل ‏حياة الأطفال والشباب بالرياضة، ممارسةً ومتعةً، والمسابقات والنشاط الفنى والثقافى، سيملأ الفراغ الإدمان ‏والتطرف.”‏
‏”أن الجيل الجديد للديمقراطية يجب أن يركز على العناصر التالية:‏
‏- فاعلية الحكم.‏
‏- كفاءة الحكام على كافة مستويات الإدارة.‏
‏- الرقابة والمساءلة المستقلة عن السلطة التنفيذية.‏
‏- نظام عدالة مستقل وفعال (الثورة الحقيقية يجب أن تحدث هنا فى هذا المجال).‏
‏- نظام تعليم وثقافة يتيح للمواطنين القدرة على اختيار الأفضل.”‏
تقول حكمة الخبرة أن السبيل الأمثل لرقي الأمم هو أن نسير فى تحول لا فى ثورة ، وفى تطور لا فى طفرة، ‏ولا داعى لأن نخاف كمواطنين أو نخيف المجتمع كحكام.”‏
ويقول سقراط :”الورقة التي لم تسقط في خريف تعتبر خائنة بالنسبة لأخواتها و وفية في نظر الشجرة و متمردة ‏في عيون الفصول فالكل يرى الموقف من زاويته .‏
إنني وجدتُ أنني قد لا أقتنع بفكرة، ولكني لا أخاصم المفكِّر، وأعجبني قول جاليليو: “من السَّهل أن ‏تفهم أي حقيقة بعد اكتشافها، لكن الفكرة في اكتشافها”، وقد يموت شخصٌ، وقد تنهض الأُمَم أو تتقوَّض، ‏لكن الفكرة تستمرُّ في الحياة؛ فالأفكار لا تنتهي صلاحيتها إن كانت تستطيع مواجهة الثوابت التي ترتاح ‏لتصديقها العامَّةُ وتصبح جزء من وعيهم الجمعي.‏
‏ وعلينا أن نفهم أنه يصبح للفكرة قوة عندما تستولي على وجدان الجماهير..‏
‏ وقرأت بعضاً من قوال برتراند_راسل التي أشارككم فيها حيث يقول :” يمكن أن تكون المجتمعات ‏جاهلة ومتخلفة ، الأخطر أن ترى جهلها مقدساً ولا تسمح بنقاشه”‏
‏”لا تخشي أن يكون رأيك مختلفاً , فكل رأي مقبول حالياً كان في يومٍ من الأيام مُخالفاً لكل ما هو سائد.”‏
‏” إن الخوف الجمعي يحفز غريزة القطيع .. ويميل هذا الخوف إلى إنتاج شراسة إلى أولئك الذين الذين لا ‏يعتبرون أعضاء في القطيع.”‏
‏” عندما تُقابَل بالمعارضة، حتى لو كانت من زوجتك أو أبنائك، حاول أن تتغلب عليها بالحجة والنقاش وليس ‏بالسلطة، فأي نصر معتمد على السلطة فهو غير حقيقي ووهمي.”‏
وقرأت وأشارككم كيف يكون الانسان نعمة لمن حوله:‏
‏”إن كونك علاقة مريحة في حياة أي حد تنتقي الحروف الخفيفة على الروح اللطيفة بالقلب ..فأنت نعمة..‏
كونك تُشعِر الناس دائماً بأحلى ما فيها .. وما فيهم ..فأنت نعمة.. ‏
كونك لا تنفجر منفعلا اذا غضبت رحمة بمن أمامك ..أنت نعمة
كونك اخترت أن تكون من عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا..‏
‏ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا..‏
أنت نعمة.‏
و دائما ما أفكر في أية في القرآن أري فيها حكمة لم يتفهمها مفسروها في زمنها والتي تقول: ‏
‏”لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت”‏
‏ وقرأت تفسيراً جميلاً لمعاني‎ ‎الآية التي تقول ‏
‏”لينفق ذو سعة من سعته” حيث لم يقل لينفق ذو مال من ماله‎! ‎
فإن كانت سعتك في الكلمة الطيبة فأنفق منها،
وإن كانت سعتك في البسمة الصافية فأنفق منها ،،
وإن كانت سعتك في معاونة الآخرين فأنفق منها ،
وإن كانت سعتك في جبر الخواطر فانفق منها،
وإن كانت سعتك في نشر العلم فانفق منها،وإن كانت سعتك في الإصلاح بين الناس فانفق منها، وإن كانت سعتك ‏في‎ ‎التسامح فأنفق منها ،وإن كانت سعتك فيما تستطيعه من الخير فأنفق منها
‏ فالإنفاق ليس مالاً فقط وليس قاصراً علي الأغنياء. ‏
تعالوا نتذكر في بداية عام جديد أنه إذا جمعتنا عشرات المسائل فلا يجب أن تفرقنا مسألة واحدة. تعالوا لا ‏نهدم الجسور التي بنيناها و عبرناها فربما نحتاجها للعودة يوماً ما.‏
ويقول الامام الشافعي ” و حتى لو حصدت شوكاً يوماً ما .. كن للورد زارعاًًً”.‏
ولقد عرفت فيما عرفت مما نسب لسيدنا عليّ كرم الله وجهه:”أنه ليس كل ما يعرف يقال،و أنه ليس كل ما يقال ‏قد حان وقته و أنه ليس كل ما حان وقته قد حضر أهله”‏
تعالوا في بداية عام جديد نتذكر هذه الحكمة “لا تبك على كل شىء مضى بل اجعله درسا لك. فلا شىء يجعلك ‏عظيما إلا ألم عظيم ،وليس كل سقوط نهاية ، فسقوط المطر أجمل بداية.‏
وأن تعاملك مع الآخرين يحدد مكانتك، وكلما ارتقى أسلوبك علت مكانتك.‏
وانهي مقالي بحكمة تقول :” إذا دمعت لألم إنسان فأنت نبيل، أما إذا شاركت فى علاجه فأنت عظيم”‏
وأبيات شعر لإيليا ابو ماضي أحبها تقول:‏
‏”أحبب ..‏
فيغدو الكوخ قَصراً نيّراً ..‏
وابغض ..‏
‏ فيمسي الكون سجناً مظلما” ..‏
سنة حلوة علينا يملأها الحب والتسامح والغفران والعمل والأمل والحرية والسعادة.
May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات