الأربعاء , 8 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -‏ مواجهة احتلال العقول من بوابة التعليم ‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -‏ مواجهة احتلال العقول من بوابة التعليم ‎

مواجهة احتلال العقول من بوابة التعليم
بقلم حسام بدراوي
إننا لا نملك الا خيارا أساسياً واحداً هو خلق انجاز حقيقي، ملموس ومستدام في مجال التعليم والتنمية الإنسانية ‏‏. ان قوه مصر تكمن في شعبها، وقوه شعبها تتحقق بتنمية الإنسان المصري . ان إيماننا بأولويه التعليم لا يأتي ‏لأن التعليم واحد من أهم الخدمات التي تتعهد اي حكومة في أي مجتمع بتقديمها للمواطنين، ولكن كحق من ‏حقوق كل طفل وشاب، كل اسره ومجتمع صغير وكل مواطن مصري، رجلاً كان او امرأة في كل الاعمار وفي كل ‏الأوقات، وان التعليم يجب ان ينظر اليه من خلال مفهوم تنموي يربط مستقبل هذه الأمه ارتباطا جوهريا بتنمية ‏الانسان المصري ليكون بانيا للحضارة ومنتميا للثقافة. ان هذه الأولوية هي نتاج الدراسات والبحوث العلمية ‏والتاريخية التي تؤكد ان مصر هبه المصريين، وان تنميه الانسان المصري وبناء قدراته لها بوابه رئيسيه هي ‏التعليم.‏
إن رؤية مصر 2030 في التعليم والتي لا نتكلم عنها كثيرا ولا تتطبق بفاعلية تتلخص في خمس محاور :‏
ان يكون التعليم متاحاً للجميع دون تمييز، بجودة عالية في إطار نظام مؤسسي كفء، عادل، مستدام، ومرن ‏يرتكز على المتعلم والمعلم الممٌكنين تكنولوجيا ورقمياً، ويساهم في بناء الشخصية المتكاملة في جميع جوانبها، ‏وإطلاق امكانيتها الى أقصى مدى ليصبح مواطن معتز بذاته، مستنير، مبدع، مسئول، قابل للتعددية، يحترم ‏الاختلاف، فخور بتاريخ بلاده، شغوف ببناء المستقبل، وقادر على التنافسية مع الكيانات الإقليمية والعالمية.‏
الواجب ان تضع الحكومات استراتيجيات تنفيذ ومبادرات مرتبطه ومتابعة لمؤشرات قياس وهو ما لم يحدث ‏بشكل مرضي. ‏
ولعل من أبرز وأهم المحاور المنبثقة من هذه الروية هو (المحور الرابع) الذي يتكلم علي بناء الشخصية ‏المتكاملة للتلميذ والطالب في جميع جوانبها ليصبح مواطناً سوياً، معتزا بذاته وهويته، مستنيراً، واعياً، مبدعا، ‏فخورا ببلاده وتاريخها، شغوفا ببناء مستقبلها، قادرا علي الاختلاف وقابلا للتعددية.‏
‏ تكمن أهمية هذا المحور تحديدا في بناء الشخصية المتكاملة للأطفال و الشباب ودعم الجانب الوجداني لديهم، ‏وتنمية مجموعة القيم التي نتفق عليها ومنها قيم التسامح وتقبل الأخر وتقبل الرأي المعارض وإدارة الحوار ‏والصدق وحسن الخلق والمظهر والدقة والنظام والاحترام والوفاء والمصداقية والتنافسية واحترام حقوق ‏الاخرين من خلال مشروعات لتعزيز مجموعه القيم الإيجابية والارتقاء بمستوي الوعي لديهم ومكافحه القيم ‏السلبية المتطرفة وظواهرها المختلفة.‏
‏ ويتحقق هذا المحور بتحقق أهم أهدافه وهو*تمكين الطلاب من المهارات الحياتية وخاصة مهارات القرن الواحد ‏والعشرين
التي تشمل:‏
‏1. تعزيز مهارات التفكير النقدي وقدرة الطلاب على حل المشكلات بطرق مبتكرة.‏
‏2. تعزيز القدرة على التعلم الذاتي واكتساب مهارات جديدة مدى الحياة لمواكبة التطور التكنولوجي.‏
‏3. تعليم مهارات التواصل الفعال والقدرة على التعاون في بيئة عمل جماعية.‏
‏4. تعليم استخدام التكنولوجيا بشكل فعال وفهم الأساسيات الرقمية في عصر تكنولوجي.‏
‏5. تعزيز مهارات التفكير الرقمي وفهم المسؤولية والأخلاقيات المتعلقة بالاستخدام الرقمي.‏
‏6. تعزيز فهم الثقافات المختلفة والتعاون في بيئة متنوعة وشمولية.‏
‏7. تنمية القدرة على تحليل المعلومات وتقييمها بشكل نقدي.‏
‏8. تعزيز مهارات القيادة والابتكار من خلال الاستفادة من القدرات الفردية والتفكير الإبداعي.‏
هذه المهارات تساهم في تأهيل الطلاب للمستقبل وضمان تحقيق النجاح والازدهار في عصر التحول والتكنولوجيا ‏المتسارعة.‏
‏ و جدّ علينا مهارات القرن الواحد والعشرين المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتشمل:‏
‏1. فهم تقنيات الذكاء الاصطناعي.‏
‏2. تحليل البيانات والاحصاء و القدرة على الفهم والتحليل ‏
‏3. القدرة على فهم وتطبيق تقنيات التعلم الآلي والتعلم العميق في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.‏
‏4. تطوير القدرة على تطوير وتصميم البرمجيات والتقنيات اللازمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.‏
‏5. القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات المعقدة في مختلف المجالات مثل الطب والسيارات ‏الذكية والتصنيع.‏
‏6. التفاعل و القدرة على التفاعل مع الروبوتات والأنظمة الذكية وفهم كيفية التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة.‏
‏7. تنمية القدرة على فهم وتطبيق إجراءات حماية البيانات وضمان الخصوصية في سياق تطبيقات الذكاء ‏الاصطناعي.‏
هذه المهارات تعتبر أساسية في العصر الحالي والمستقبلي حيث يزداد التطور في مجال الذكاء الاصطناعي ‏وتكنولوجيا المعلومات.‏
وعلي قادة المجتمع زيادة الوعي بمفهوم حروب الجيل الرابع والخامس ومدي تأثيرها السلبي علي الهوية ‏المصرية وتعزيز ألية التعاطي الإيجابي معهما. ‏
إنها حروب تنتهجها القوى العظمى كاستراتيجية لإسقاط الحكومات والدول والنظم في العالم، دون الدخول في ‏حروب تقليدية، وبدأت الدول الكبرى ذات المصالح في التفكير فيها كبدائل للتدخل العسكري في مختلف دول ‏العالم، لتجنب الخسائر بين صفوف جنودها، وضباطها، وأسلحتها .‏
‏ ان فلسفة هذا النوع من الحروب ،قائمة على هدم الدولة من الداخل، دون استخدام القوة العسكرية المباشرة، ‏وبعد هدم الدولة، يتم فرض الإرادة الخارجية، وإملاء الشروط عليها، وهو ما كانت لتحققه القوة العسكرية ولكن ‏بخسائر أكبر، وبالرجوع للتعريفات الدولية يتضح أن حروب الجيل الرابع والخامس، هي نوع من الحروب، التي ‏يكون المشارك فيها ليس دولة، بل جهة فاعلة داخل وخارج الدولة، وأحياناً افراداً داخل الحكومات ، بتكليفات ‏مخابراتية وتضيف المراجع العلمية والإستراتيجية أنها حرب معقدة، طويلة الأمد، لامركزية التخطيط، تعتمد ‏على الهجوم المباشر على ثقافة الخصم، وأساسها الحرب النفسية، من خلال وسائل الإعلام الحديثة، وشبكات ‏التواصل الاجتماعي، وتستخدم كل الضغوط المتاحة، سياسياً واقتصاديا وأمنياً، وتتصف تلك الحروب بغياب ‏التسلسل الهرمي، وتتخذ من الإرهاب وتكتيكات التخريب وفى بعض الأحيان حرب العصابات واحدة من أهم ‏أدواتها، وتؤكد معظم المراجع الإستراتيجية أن حروب الجيل الرابع والخامس لا تعتمد بالأساس فقط على خلق ‏تناقضات ما بين افراد المجتمع وجماعاته ، بل تعتمد أيضاً في استراتيجيتها على احتلال العقول لا الأرض، وبعد ‏احتلال العقول سيتكفل المحتل بالباقي، فهو يستخدم العنف غير المسلح، مستغلًا جماعات عقائدية مسلحة، ‏وعصابات التهريب المنظمة، والتنظيمات الصغيرة المدربة، من أجل صنع حروب داخلية، تتنوع ما بين ‏اقتصادية وسياسية واجتماعية للدولة المستهدفة، وذلك لاستنزافها عن طريق مواجهتها لصراعات داخلية، ‏بالتوازي مع مواجهة التهديدات الخارجية العنيفة، والهدف واحد هو أن يتم إسقاط الدولة من الداخل، ليس ‏بقوات عسكرية، حيث إن ما يتم إنفاقه على هذه النوعية من الحروب الجديدة ضئيل نسبيا، وعادة ما يتم ‏التخطيط لهذه الحرب مسبقا، وتدريب العناصر الموكل إليها إشعال الجبهة الداخلية باستغلال الحكم غير الرشيد ‏للبلاد النامية ، تحت شعار مزيد من الديمقراطية للبلاد، وهكذا تتم قيادة الجموع الحاشدة من أفراد الشعب ‏لإسقاط النظام القائم دون استخدام القوة العسكرية.‏
إن محاور ومرتكزات وآليات تنفيذ حروب الجيل الرابع والخامس داخل الدول هي ‏
‏- الشائعات والتشكيك في ثقافة وتاريخ وحضارة ورموز الدولة. ‏
‏- هدم الإنجازات وتحويلها الي نقاط ضعف. ‏
‏- نشر الفوضى الإدارية في الدولة . ‏
‏- نشر الفساد في مفاصل أجهزة الدولة وبخاصة الوزارات الخدمية. ‏
‏- إثارة النعرات العرقية والقبلية. ‏
‏- استغلال التفرقة بين القوميات. ‏
‏- استغلال التفرقة بين الأديان وداخل الدين الواحد. ‏
‏- إظهار ضعف الدولة وعدم قدرتها علي إدارة شئون البلاد. ‏
‏ ‏
‏ ‏
إن سمات حروب الجيل الرابع والخامس.‏
‏(أولاً) أنها حروب داخلية، تنفذ داخل الدول ذاتها، وبالتالي لا تحتاج إلي وجود جيوش نظامية لمواجهة بعضها ‏بعضاً.‏
‏(ثانياً) المعركة والمواجهات يكون طرفيها من سكان الدولة، أو بين الدولة ومواطنيها.‏
‏(ثالثاً) أنها أكثر انتشاراً وخطورة، ‏
‏(رابعاً) أنها حروب دائمة، فمن يدخل فيها قد لا يتمكن من الخروج منها لعقود، أو تخطيها وإعادة بناء الدولة ‏مرة أخرى.‏
‏(خامساً) تتم بسهولة في الدول التي تعاني من انقسام مجتمعي حاد، إذا تداخلت فيها الروابط القبلية والعرقية ‏والدينية والعائلية وغيرها كما هو الحال في الصومال وتشاد والسودان واليمن والكونغو الديمقراطية وغيرها.‏
‏(سادساً) أنها حروب تدار عن بعد، من خلال الصراع بين القوى الكبرى، على بسط السيطرة والنفوذ على دول ‏العالم، ومن مصلحتها إضعاف الدول الأخرى.‏
‏ لقد تطور مفهوم الأمن التقليدي الذي يستخدم القوة البوليسية او القوة شبه العسكرية الي نوع من الأمن الفكري ‏لكونه يتعلق أساسا بحماية عقول أبناء المجتمع ، وثقافتهم، ويمثل طريقا لتحقيق الأمن بمفهومه الشامل. ‏
إن المؤهلين للقيام بذلك التحدي ليسوا ضباط وجنود الماضي ولكن المؤهلين فكرياً وثقافياً القادرين علي خوض ‏الحوارات ومواجهات التحديات الجديدة و المتجددة. ‏
إن مواجهة هذا لا يتأتي بالمنع او السجن أو القمع أو التخويف بل بالعمل علي مواجهة الفكر بالفكر وتقوية ‏الشباب وبناء قدراتهم علي البحث عن الحقيقة والرجوع للمراجع وعدم تصديق الإشاعات وهو ما يمكن أن ‏يحقق للمجتمع تماسكه و هويته وذاتيته المميزة .‏

التعليقات

التعليقات