الخميس , 9 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / مصر التي في خاطري – بقلم و ريشة حسام بدراوي

مصر التي في خاطري – بقلم و ريشة حسام بدراوي

عادة ما تبدو الإجابات عن سؤال “كيف ستبدو الحياة في المستقبل؟” إما مُغرقة في التفاؤل بالتقدم التقني والعلمي للإنسانية، أو على النقيض، إجابات غارقة في السوداوية تتوقع تفشي البؤس الحالي الذي تعيشه البشرية من وجهة نظر البعض، بأشكال جديدة ، وأحياناً نظرة ثالثة بلا مبالاة ، لغرق المجتمعات في اللحظة ، واللقطة واحتياجات اليوم .
رأي العلماء عادة ما يُبني علي أساس استكشاف المستقبل في سياق ما هو متاح بين أيدينا اليوم من تقنيات وعلوم من ناحية.. وسرعة تطورها من ناحية أخري…أي مسارات استنباطية يمكن من خلالها بناء نظرة توقّعيـة للمستقبل .
فما الذي سنشهده قادماً ؟ و ماذا يحمل لنا المستقبل.
مصر زمان في ذهن العديد مدخلها القوة الناعمة ،هي أم كلثوم ورامي والسنباطي ، وعبد الوهاب وعبد الحليم و نجيب الريحاني وفريد وبيرم ، وغيرهم من نجوم الفن الراقي الجميل حتي لو لم يكونوا مصريين.
البعض يرون مصر زمان من منظار الثقافة التي أرسي قواعدها طه حسين والعقاد ولطفي السيد، وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ، والحكيم وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وزكي نجيب محمود ونجيب محفوظ و محمد عبده وغيرهم ممن بنوا مداً صنع وجدان الشعب ونّور الأذهان..
البعض سيري مصر زمان من عيون سياسية ، ويقول هي عبد الناصر والسادات وسعد زغلول والملك فاروق ومصطفي كامل وأحمد عرابي ومحمد علي وعصر النهضة..
الكثيرون سيقفزون آلاف السنين الي الوراء ، ويقولون مصر هي مهد الحضارة ، وبداية التوحيد ، والأهرامات والعظمة والتاريخ، سيذكرون رمسيس و أخناتون و ومكتبة الاسكندرية وايزيس واوزوريس ورع و تحوت.
البعض سيذكر مصر القبطية ومصر الاسلامية وتأثيرها الجبار علي الديانتين.
البعض سيقول لك فوراً ، “مصر أم الدنيا” ، ويسكت ولا يعرف من أين أتت المقولة التي ترسخت في الوجدان .
وجدت أن مصر زمان مرتبطة في الأذهان بأشخاص وأماكن ، وأحداث ، بدون تفاصيل …ولكنها تجتمع لترسم صورة نفخر بها جميعاً.
مصر النهاردة للأسف في ذهن سكانها ، سلبية الوجود، ضعيفة التأثير ، قليلة الحيلة ، وآمال شبابها تتمحور حول الرغبة في الهجرة الي مصدر الثروة شرقاً،أو طلباً للمكانة العلمية واحترام الحقوق غرباً، وحول إيجاد وظيفة وسكن.
مصر يشدها الي الخلف والتخلف تيار سلفي متشدد، وتيار اخواني متعصب ، يخلط الدين بالسياسة وتيار يدّعي المدنية وهو غير ذلك.
أما عندما نفكر مصر بكرة فلا بد أن نفهم أن مستقبلها سيتأثر بمستقبل العالم كله أردنا أو لو لم نريد..
فهل سيكون الشعب المصري شريك في صناعة هذا المستقبل أم مجرد مُستقبل وتابع فقط لنواتجه ؟!.
وكيف سيكون استقبال التطور ، الحتمي ؟ هل بإيجابية وشراكة أم بالنقل والتقليد السلبي ؟!.
مع استمرار وتيرة الإبداع العلمي ، سيستمر التغيير في العالم ليوصل البشر ونحن معهم ، إلى ما لا يمكن تصوره وتتقلص الكثير من وظائف اليوم ، وستتدخل التكنولوجيا في كل دقائق الحياة، ومنها تغيير جوهري في نمط التطور البيولوجي للإنسانية التي قد ينتج عنه بشر بقوي خارقة ، تمزج الطبيعي بالصناعي ، وقد تنشأ منه طبقية من نوع جديد تُقسم المجتمعات الي سادة وعبيد..
مستقبل العالم ستتبدل فيه أشكال الزراعة والصناعة وطريقة الحياة وتتغير فيه معالم الثروة التقليدية الي أشكال جديدة ،وتنشأ فرص لم تكن متاحة للشباب ،ويختفي المعتاد..
مستقبل نلاحظه في تمكن أطفالنا وأحفادنا من مهارات نحن فيها هواه وهم فيها محترفين..
ويبدو لي أن ثورتي تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية، هما الآن أعظم تحديات الجنس البشري منذ وجودة ، وأعظم فرصة له ولنا في نفس الوقت.
و أخشي أنه يمكن لهذا التطور ، باستخدامات الذكاء الاصطناعى خلق ديكتاتوريات رقمية لم يعرفها البشر من قبل، مع تركيز القوة في أيدي نخب صغيرة عابرة للحدود التقليدية للدول بشكلها التاريخي، وترك معظم مواطني العالم ، يعانون من الاستغلال أو يتم القاءهم في سلال المهملات.
مستقبل مصر سيكون جزءاً من ذلك أردنا أو لم نريد وخبرة التاريخ تقول أن علينا كقوة جمعية أن نقرر أين ستكون مصر؟
علينا أن نُعد أنفسنا لنكون طرفاً صانعاً لهذا المستقبل، أن نكون مستقبلين جيدين لنواتجه ومشاركين فاعلين في أحداثه. إنني أري معركة وجودية ستخوضها البشرية ، ومصر جزء منها ، وممكن أن تكون من روادها.
أسئلتي لمجموعات الحوار التي اخترتها دارت حول احلامهم ، فهناك من من يجرنا لندور في دوامة الحاجة والعوز ، والفقر والجهل و الشكوي فلا نستطع حتي أن نحلم .
وهناك من يدفعنا الي الحلم بمستقبل مختلف بل بتحقيق أحلامنا بإيجابية وإصرار إذا عرفناها و وثّقناها .
يشغل بالي أن فينا من يقول للأطفال والشباب إحلم في حدود ما تستطيع تحقيقه……
وهو ما لا أوافق عليه ولا أستسيغه.
فهناك فرق بين الحلم ودراسة الجدوي
فكل ما يتخيله العقل ، يمكن تحقيقة طالما خطر علي البال أساساً.
الجميل في الحلم والخيال أن ١+١ ليس بالضرورة يساوي ٢ ، بل يمكن أن يساوي ٤ و ٨.
وهذا هو الحال عندما أفكر في مصر بكره، انها ليست فقط دراسات جدوي وعمليات حسابية ، وقياس علي إمكانات اللقطة الحالية التي وصلنا فيها لأدني مستوياتنا، بل هي حلمنا، ودعوني أقرأ لكم حواراً مع الشباب لعله يعبر عما يحول في خاطري:
قلت لهم :مصر عظيمة وتحمل جينات حضارة متراكمة ، وشعبها بكل ما يبدو عليه من صبر ، و مظهر خنوع ، قادر علي تغيير المسار في لحظات التاريخ الفارقة.
قالوا لي: لا نري ذلك!
قلت : مصر تملك ثروة بشرية كبيرة في العدد، والقيمة، صغيرة في العمر ، فتية، هذه ثروة جبارة قادرة علي التعلم والتدريب واكتساب المعارف وخلق الفرص.
قالوا لي : بتقولوا نفس الكلام من سنين ولا تطبقون ما تقولون.
قلت: أنا مؤمن إن بناء الشخصية المصرية الواثقة من نفسها ، الفخورة بماضيها وحاضرها ، والتي تملك الأمل في مستقبلها في أيدينا،
وعقد واحد من الزمان يغير الكثير..
أنتم قوة مصر الكامنة ، وأمل مصر في مواجهة التحديات كلها.
نحن لدينا شمالاً أجمل شواطئ البحر الأبيض وشرقا شواطئ البحر الأحمر التي لا مثيل لها.
مصر تملك ثروه من الغاز تحت أرضها وفي أعماق بحارها، مصر تملك ثروات معدنية في أراضيها ، يتم أكتشافها الآن ولم نعرف بوجودها من قبل.
مصر تملك أكبر سوق تجاري في الشرق الأوسط ، قوة تجذب الاستثمار وتفتح الآفاق.
مصر تملك شمساً ساطعة أغلب السنة ومصادر رياح معروفة وتستطيع إصدار طاقة نظيفة تكفيها بل وتكفي أوروبا أيضاً.
مصر تملك مخزوناً حضارياً في چينات شعبها ، وقدرات كامنة في شبابها وشيوخها لا تحتاج لانطلاقها سوي لجلي الصدأ من عليها بالتعليم والثقافة والفنون..
كلامي ليس شعارات ، ولكنه كلام علمي وله مرجعية ومنهجية وممكن الحدوث.
إلا أن الإبداع والابتكار لا يحدث إلا في إطار من الحرية ، ويتوه في خضم الفوضي و يفني بارهاب الفكر وجموده.
إن ثروة مصر الحقيقية ، عبر التاريخ ، هي في مواطنيها ،
من َصنع الحضارة هم المصريين ،
ومن بدأ التنوير في العصر الحديث في كل منطقة الشرق الأوسط هم المصريين
وعلينا أن لا نسمح بفقدان أهم كنوزنا ،
وهم أطفالنا وشبابنا سواء بتطرف الفكر
أو رجعية السلوك أو غياب القيم
أو التدني غير المقبول في مستوي تعليمهم
إنني أحيانا أري محدودية الأحلام ، لغرق الجميع في تحديات اللحظة ، ومشاكل الحصول علي قاعدة هرم الاحتياجات من الأكل والشرب والسكن والأمان.
إلا أنني أري مستقبلاً مختلفاً، أري أطفالنا وشبابنا مبتكرين مبدعين بحرية ،أري ناس مصر تعيش ممتدة في جغرافيتها ، معمرة لصحاريها
محافظة علي تراثها.
أري انتهاء الفقر ، في الثروة وفي الفكر .
أري مصر الخضراء متكاملة مع أفريقيا والعالم. أري شباب مصر مالكاً للأمل ،
متطلعاً للسعادة ،مستخدماً لتقنيات العصر و متلحفاً بقيم الحرية والصدق والنزاهة والدقة والكفاءة
متمسكاً بحقوقه متذوقاً للجمال حوله
محترماً للمختلف عنه منفتح العقل.
هل حلمي ممكن التحقيق!!!
قد أبدو للبعض ساذجاً أو ساعياً للمدينة الفاضلة لقولي ذلك ، ولكني رجل جيناتي متفائلة…وأري في الناس أفضل ما فيهم …وأري الجمال حولي في كل فعل ومكان..ليس عن قصور في رؤية القبح والشر ،
ولكن هذه هي إرادتي الحرة في الاختيار…
ماذا نحتاج لتحقيق ذلك؟ نحتاج الي كفاءة أكبر في إدارة الدولة، كفاءة لا يجب التنازل عنها ،و إختيار للأفضل ،
وتجديد للدماء دورياً ، وإحترام العلم والعلماء ،
ورفع سقف الأحلام فمصر أمة عظيمة و تستحق…..
May be an image of 1 person and text
May be an image of text

التعليقات

التعليقات