الخميس , 9 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / الجمهورية الجديدة… والآمال العريضة

الجمهورية الجديدة… والآمال العريضة

علي مقهي “الحالمون بالغد”
 
الجمهورية الجديدة… والآمال العريضة
تقول حكمة الحياة إن تكرار فعل نفس الشىء بنفس الطريقة وتوقع الحصول على نتائج مختلفة هو طريق للفشل.
لقد عاشت مصر عهودًا مختلفة منذ ثورة 52، تتغير حولها الظروف، وتتعدد أساليب الخروج من مآزق الفقر والجهل وغياب الحريات بدرجات متفاوتة، وكذلك انتهاكات حقوق المواطنين بانتقائية سياسية أو اجتماعية. ولكن الملاحظة الدقيقة تُظهر أننا كنا ندور فى حلقات، من التوجهات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية تسلم بعضها بعضًا ولا ننهى أيًا منها ، ولا نصل إلى خط النهاية فى أىٍ منها!. فى أغلب الوقت تنقلب الأحوال لنبدأ من جديد من نقطة الصفر ونعاود السير فيما سرنا فيه سابقًا فى انتظار نتائج مختلفة !!. بل إننا نجادل فى نفس القضايا أحيانا، وبنفس الأسانيد منذ بدء القرن العشرين. ولو قرأنا ما كتب الإمام محمد عبده و الأستاذ العقاد و الدكتور طه حسين و د. زكي نجيب محمود أو قادة الفكر والثقافة عبر السنين فى الحريات، وعلاقة الدين بالدولة، والتعليم، والمعرفة، والعدالة الاجتماعية وغير ذلك من الأمور، لوجدنا أنفسنا فى ذات النقطة وأحيانًا متخلفين عنها بعد مرور مائة سنة من التطور والتنمية، فما هي آفة مصر عبر العهود؟؟!!
 
إن آفة مصر هى عدم إستدامة تطبيق الحلول مع التوجه لعلاج العرض وليس المرض هروبًا من مواجهة الواقع الذى يحتاج تغييره شجاعة ومثابرة واستدامة ومسؤولية وشغفً.
دعونى أبدأ بأن كل الحلول يجب أن يكون دافعها إرادة سياسية ومشاركة من المجتمع، وهو ما لن يحدث بدون قيادة تفهم ، وتوجُّه سياسى مستدام لفترة زمية تسمح بالتأثير.
إذن البداية تأتي من السياسة وأسلوب الحكم. فلن تحدث طفرة فى أى أمة بدون قيادة سياسية واعية بحقيقة الواقع ولديها حلول للتغلب على مصاعبه، وعندها العمق الفكري الذى يجعل الجماهير جزءًا من الحل وليست هى مشكلته.
ولأني أري الفرصة سانحة في قيادة البلاد هذه الأيام ، التي تتميز بشجاعة المواجهة للمشاكل المزمنة، ولا تحمي فسادا ،ولا تقبل تدني في كفاءة الأداء، ولأني أحس أن هناك حركة جادة في إطلاق مفهوم الجمهورية الجديدة بعد مرحلة التركيز علي البنية التحتية إنطلاقا الي تنمية إنسانية إقتصادية مستدامة، تحترم حقوق المواطنين ، فإنني كمواطن ايجابي اود أن أدلي بدلوي بناءً علي خبرتي المتراكمة،عبر السنين واقترح عدد من الدعامات الرئيسية، التي يجب أن نلتزم بها لمدة زمنية تسمح بوضع أسس مصر الحديثة..
إن هناك عشرة توجهًات رئيسيًة يجب أن نسعى لتحقيقها سأذكر هنا سبعة منها . وعلينا في إطار الجمهورية الجديدة أن لا يغيب عنًا أننا نهدف في النهاية الي رفاهة المجتمع ، أفراداً وأسراً ، ونرنو ونعمل الي سعادتهم، ونقضي تماما علي الفقر والجهل والمرض.
 
أولي هذه الدعامات هو الثبات علي النظام السياسي لحكم البلاد، بغض النظر عن المسمي الأيديولوجي ، بما يسمح باختيار الاكفأ ، والأكثر فاعلية بشفافية وقدرة علي المحاسبة. ،علي أن يتم ذلك بشكل تدريجي ،مخطط يتيح بناء قدرات المواطنين،وصنع قيادات جديدة، و ضمان مؤسسية الحكم وتداول السلطة بدون فوضي ، ولا سماح لفئة او جماعة بإهدار الحريات أو الاستبداد بالسلطة في المستقبل.
ولا بد لنا في هذا الإطار،، تحديد هوية الدولة المدنية الحديثة وترسيخ مفهومها لدى الأجيال الجديدة.
 
الدعامة الثانية : هي إحداث تغيير ثقافى وسلوكي فى وجدان المجتمع من بوابة التعليم والثقافة والإعلام، والالتزام بسياسات واضحة للتعامل مع الشباب لبناء قاعدة واسعة من المواطنين تستطيع المشاركة الفعالة في التنمية.
ويعنى ذلك وضع محور التنمية الإنسانية، شاملًا التعليم بكل أقسامه، والثقافة والإعلام والشباب والرعاية الصحية، فى ملف يمكن التعامل معه، وفيه، فى إطار متناسق لتحقيق ما نصبو إليه فى خلق المواطن المصرى صحيح البدن والعقل، المتعلم، المُمَكَّن تكنولوجيًا، المستنير، المبدع، المسؤول، الفخور بتاريخ بلاده وهويته الثقافية، الشغوف ببناء مستقبلها، والمدرك لأهمية التواصل الإقليمى والعالمى، والقادر على المنافسة فى كل المجالات.
إننا يجب أن تكون لدينا سياسة واضحة للتطوير والابتكار وريادة الأعمال عن طريق تقدم البحث والتطوير. إن جميع التوجهات لرسم السياسات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأى دولة تستند إلى تحليل علمى للمواقف الراهنة لسياسات العلم والتكنولوجيا، يتم الانطلاق منه إلى المستقبل، فالعلم والتكنولوجيا يمثلان ملتقى لكل السياسات التى تحدد مستقبل كل أمة، وهما فى الوقت ذاته الأداة الفعالة لتحقيقها. ويبدو جليًا أن الأمة التى تمتلك قاعدة علمية وتكنولوجية رقمية راسخة تكون قادرة على مواجهة التحديات، من خلال تسخير كل ما هو جديد من علوم وتكنولوجيات لخدمة التنمية الشاملة .
وفي هذا الاطار فلدي في ذلك تفاصيل يمكن مساندة الدولة بها نابعة من رؤية مصر ٢٠٣٠ التي تشرفت بقيادة مجموعة التعليم فيها بتكليف من الدولة ولم ينفذ منها للأسف خلال السنوات الخمس الماضية إلا قليلا.
الدعامة الثالثة: هي إجراء تغيير هيكلى فى الاقتصاد المصرى، بهدف تحفيز النمو واستدامته وتوازنه، مع خلق فرص التشغيل.
ولجزيرة بالذكر ، فلن يمكن للتنمية الإنسانية الوصول إلى أهدافها دون أن تواكب برامجها ، خطط اقتصادية، تزيد من الثروة وتقضى على الفقر وتفتح مجالات العمل للمواطنين.
إن تحقيق النمو المتوازن والمستدام المقترن بزيادة فرص التشغيل يجب أن يقترن بإعطاء بعض الأولوية للفئات المحرومة من السكان دون التأثير على توازن موازنة الدولة، وذلك للإسراع بتحقيق معدل اقتصادى يبلغ من 7 % إلى 8% فى المتوسط سنويًّا على مدى خمسة عشر عاما متتالية. وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا باستدامة السياسات، وإقناع الشعب بها، واحترام فلسفتها، دون تراجع أو خروج عنها بهدف سياسى قصير المدى تحت ضغط فئة ما من الشعب .
إن نمو الاقتصاد بشكل متوازن بهذا الشكل وهذه النسبة من جانب آخر أمرٌ لا يمكن تحقيقه أيضا دون اكتمال واتساع البنية الأساسية والمرافق العامة حتى يمكن أن تستوعب هذا النمو، خاصة الطرق والمواصلات والموانئ والمطارات، والعدالة فى تطبيق ناجز للقانون.. وقبل كل شىء تنمية الإنسان القادر على حمل عبء وفرصة التنمية والخارج من نظام تعليمى فعال يخدم هذه التنمية.
 
الدعامة الرابعة: هي الإصلاح الإدارى وتغيير نمط الحوكمة والرقمية فى كافة المؤسسات، مع تطبيق تدريجى للامركزية.
وتشمل الدعامة الخامسة الحفاظ على البيئة من أجل الأجيال القادمة مع استدامة توفير الطاقة النظيفة والمياه لاحتياجات الشعب المصرى المتزايدة.
 
ويمثل الإصلاح المؤسسى والفكري لمؤسسات القضاء ومؤسسات إنفاذ القانون «الشرطة» الدعامة الخامسة التي يجب التركيز عليها.
 
ولابد للحكومة الجديدة إعتبار تنمية دور المجتمع المدنى الفعّال وتنشيطه ودعمه واحترام حقوق المواطنين دعامتها السادسة.
وحيث أننا في سباق بين التنمية وعدد ونوعية السكان فلا بد من أن تكون الدعامة السابعة هي التحكم فى نمو ونوعية وتوزيع السكان.
والسؤال هو هل لدينا سياسات واضحة وتطبيقات ممكنة لكل ما ذكرت؟
والإجابة….نعم ….
طبعا لا أحد لديه كل الحلول، ولكني سعيت وتواصلت مع الخبراء فى كل مجال، ثم وثّقت الآراء، ويسعدنى أن أشارك الجميع فيها بنشرها.
ولعل مشاركة الحكومة والمجتمع فى طرح بدائل، فى حوار فعال قد يستفيد منه الجميع هو الطريق الأسلم ولكن علينا أن نفهم أنه بعد إتخاذ القرارات فعلي الجميع الالتزام بالتطبيق .
وفي واقع الأمر أن تراكم الخبرات وتداول السلطات سلميًا، بدون هدم ولا فوضى، هو الطريق الأمثل لاستدامة أى سياسة أو تطبيق.
إننى أستطيع أن أجزم أن مصر تملك من الإمكانات البشرية والكفاءات المهنية، والقوه الضاربة من شبابها المستعدين للتعلم والتدريب، ما يضمن لها فى عقد واحد أن تتبوأ مركزها فى طليعة الدول المتقدمة.
كلي أمل وتفاؤل بما أراه…وتحيا مصر قائدة ورائدة تنشر التنوير والحداثة..

التعليقات

التعليقات