د.حسام بدراوي يكتب: قوة المنطق ومنطق القوة
في عالم يسوده الصراع بين العقل والمصلحة، وبين العدالة والهيمنة، يبرز مفهوم “قوة المنطق” كأداة للحكمة والإقناع، بينما يفرض “منطق القوة” نفسه كواقع لا يمكن تجاهله في العلاقات البشرية والدولية. وبين الاثنين، تتشكل معادلة معقدة تحدد مصير الأفراد والمجتمعات والدول.
قوة المنطق: عندما يسود العقل
المنطق قوة ناعمة، تعتمد على الإقناع بالحجة والدليل، وتستند إلى الفكر العميق والتحليل العلمي. إنه القوة التي تجعل الفلاسفة والمفكرين والعلماء يغيرون مسار التاريخ، ليس بالسلاح أو القهر، بل بالأفكار التي تبقى بعد أن يرحل أصحابها.
• قوة المنطق هي أساس الحضارة، فمن خلاله تطورت القوانين، ونشأت الديمقراطيات، وتقدمت العلوم.
• بالحوار والنقاش، يمكن حل أعقد المشكلات، وهذا ما يعكسه تاريخ الفلسفة والسياسة، حيث غيرت الأفكار مجرى التاريخ أكثر من الجيوش.
• في العلوم، لا يخضع الكون لقوة السلاح، بل لقوة العقل الذي يكتشف قوانينه ويصيغها في معادلات رياضية تتحدى الزمن.
لكن هل قوة المنطق تكفي دائمًا؟ هل يمكن إقناع شخص أو دولة بالتخلي عن مصالحها بالقوة الناعمة وحدها؟ هنا يظهر الوجه الآخر للمعادلة: منطق القوة.
منطق القوة: عندما يحكم الواقع
في عالم لا يحكمه العقل وحده، بل تهيمن عليه المصالح والقوة المادية، يفرض منطق القوة نفسه كأداة للتحكم والتأثير. الدول الكبرى لا تفرض سياساتها بالحوار فقط، بل عبر النفوذ الاقتصادي والعسكري، والشركات العملاقة لا تحتكر الأسواق بالإقناع، بل بالاحتكار والتوسع.
• منطق القوة هو قانون الطبيعة، حيث البقاء للأقوى، سواء في الغابة أو في السياسة الدولية.
• التاريخ مليء بأمثلة حيث لم يكن المنطق كافيًا، وكان لابد من استخدام القوة، سواء لتحرير الشعوب أو لفرض الاستقرار.
• حتى في المجتمعات، هناك من لا يفهم سوى لغة القوة، وحينها يصبح المنطق عاجزًا ما لم يكن مدعومًا بسلطة تضمن تطبيقه.