الخميس , 9 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ – اختلاف وخصام التعريفات ‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ – اختلاف وخصام التعريفات ‎

اختلاف وخصام التعريفات
بقلم وريشة
حسام بدراوي
مجرد الاختلاف في تعريف كلمة ، بدون معرفة أصلها ، أو الانقياد لمفهوم أيديولوجي أو ديني قد يؤدي الي ‏كوارث ، إذا لم يتسع الصدر والعقل للفهم أولاً ، والبحث وراء معاني وتعريفات الألفاظ ثانياً ، قبل الوصول ‏أساساً الي أن هناك إختلاف من عدمه ، وكنت قد كتبت مقالاً في المصري اليوم عن أكثر التعريفات تعرضاً ‏لسوء الفهم ‏
وذكرت ثلاثة هم ، التنوير والليبرالية والعلمانية وشرحت الفروق والتوضيحات حيث أن المسمي ليس هو أهم ‏عنصر لبيان الحقيقة ، فلو أطلقت علي الوردة أي إسم آخر ستظل تشم رائحتها وتري جمالها كما هي…فعليكم ‏البحث عن المعني الذي يعنيه الإسم في عقولكم لتجعلوا للكلمات حيثية، فأنا مثلاً أري واقع المجتمع المصري ‏عَلمانياً، ليبرالياً، متنوراً حسب تعريفات الكلمات في عقلي ووجداني ، ولكن تيار الاسلام السياسي استطاع أن ‏يجعل للكلمات معاني غير أصل فلسفتها فأصبح الليبرالي و التنويري و العلماني و المدني كلها تعني لمن لا ‏يبحث هو الملحد و الكافر والسافر مع أن الحقيقة عكس ذلك …(وأصل المقال موجود في الباركود واللينك المرفق لمن ‏يحب الاستزادة : qrco.de/beacKV )
‏”سترون من كل التعريفات أن الخلافات والتكفير والهجوم علي من يتكلم عن مدنية الدولة والعلمانية والليبرالية ‏أنها خلافات حول مفهوم الحكم السياسي ، وليست حول الدين ، فالدين لله والوطن للجميع “. ‏
لماذا أفتح ذات الموضوع ، لأنني وجدت أن ما حدث في فلسطين المحتلة أخيراً ، والمذبحة لأربعة عشر الف ‏مواطن في غزة أغلبهم من الأطفال شئ مخيف ومرعب يظهر ما يستطيع البشر أن يفعله بلا رحمة ولا إنسانية. ‏وزاد علية حقائق مربكة للفهم ومتضادات متداخلة . فهذه حكومات غربية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ‏والمملكة المتحدة وألمانيا وكثير من دول أوروبا ، كلهم يساندون الإبادة العرقية لشعب كامل بل ويزودون ‏إسرائيل بالمال والسلاح ببكاسة ، وهم في نفس الوقت ينادون بحقوق الإنسان..التضاد لذلك هو موقف شعوب ‏هذه البلدان التي خرجت بمئات الآلاف تطالب بإيقاف المذبحة والإبادة وترحيل ملايين الفلسطينيين من أرضهم ‏ومساكنهم بعد قتل شبابهم وأطفالهم وحكوماتهم تفعل العكس. ‏
والتضاد الثاني لموقف هذه الحكومات كان موقف آلاف اليهود الذين يعيشون في هذه الدول الذين فرقوا بين ‏الصهيونية واليهودية ووقفوا مساندين للحق الفلسطيني ولم أكن أعرف بوجودهم الكمي ولا الكيفي بهذا المقدار..‏
التضاد الثالث كان لموقف بعض الحكومات الأوروبية وتراجعها عن التأييد المطلق لإسرائيل مثل بلچيكا ‏والنرويج والنمسا وسويسرا والبعض الذي ساند بلا مواربة حق الشعب الفلسطيني مثل أيرلندا.‏
التضاد الرابع كان لموقف حكومات الكثير من الدول العربية والإسلامية التي منعت المظاهرات الشعبية المؤيدة ‏لفلسطين ، بل ولم يحضر حكامها إجتماعات القمة لإدانة العدوان الهمجي علي غزة ، وهو موقف محير ومربك..‏
قادة حماس يعيشون في قطر ، التي تستضيف أهم قاعدة عسكرية أمريكية.. وتمويل حماس يمر عبر البنوك ‏الإسرائيلية… ويتم تمويل وتدريب عسكري لحزب الله من إيران ، وكل منظمات حقوق الإنسان الغربية تغمض ‏أعينها عن إبادة اربعة عشر قتيل فلسطيني أغلبهم أطفال ، والولايات المتحدة توقف المعونه لمصر من أجل ‏معتقل سياسي واحد، ما هذا !!؟؟؟
كل وسائل الإعلام الغربية الشهيرة تم كشف كذبها وتحيزها ، وفقدت المصداقية أمام أعيننا، ولولا السوشيال ‏ميديا والتسريبات الخبرية ما كنا سنعرف ما يجري وما جري من مذابح في غزة..‏
الصهيونية والفاشية ومعاداة السامية ثلاث كلمات وجمل تحتاج للتعريف حتي لا نظل نرددها بلا فهم ، بلا ‏معاني مشتركة في الأذهان بل يأخذ البعض مواقف سياسية حادة مع أو ضد ما لا يفهمون معناه أصلاً. ‏
شغل بالي وأنا أبحث في المراجع أن الذكاء الاصطناعي مغلف بتوجهات سياسية وأحيانا كثيرة ليس محايدا ‏فتعريف الذكاء للصهيونية فيه ميوعة لم يستسيغها عقلي.‏
الصهيونية هي فكر أيديولوجي‎ ‎سياسي يدعو إلى إنشاء وطن قومي لمجموعة دينية اجتماعية هي الشعب ‏اليهودي، ويعتبر اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية السياسية. تأسست الحركة الصهيونية ‏في أواخر القرن التاسع عشر وسط تزايد العداء للسامية في أوروبا.‏
يعتبر تأسيس دولة إسرائيل في عام ‏‎1948 ‎نتيجةً مباشرة للحركة الصهيونية. ‏
اليهودي هو من يؤمن بالدين اليهودي، أما الصهيوني فيحمل أيديولوجية استعمارية عنصرية يؤمن بسرقة ‏الأرض الفلسطينية و طرد سكانها الأصليين أو إبادتهم و إقامة مستعمرات استيطانية فيها. الصهيونيه فكرة ‏استعمارية تؤمن بنقاء العرق ، هي فكرة تشبه الحركات النازية و الفاشية و تمارس نظام الفصل العنصري ‏بصورة أسوأ من نظام جنوب افريقيا مما يجعلني أشك في إمكانية حل الدولة الواحدة الذي هو البديل لحل ‏الدولتين ، فاسرائيل لن تسمح پأي منهما إلا إذا كانت دولة فلسطينية منزوعة الحقوق تماماً.‏
لقد كان هناك معارضة يهودية للحركة الصهيونية، التي سعت لإنشاء وطن يهودي، قبل إعلان قيام دولة إسرائيل ‏‎1948.‎‏ والآن تعارض جماعات يهودية متشددة، مثل حركة ناطوري كارتا الرافضة للصهيونية، دولة ‏إسرائيل، لأنها تؤمن بأن الدولة اليهودية الحقيقية ستقام فقط مع عودة المسيح.‏
أن الصهيونية تمثل مشروعاً سياسياً يدعمه عدد من غير اليهود، بما في ذلك حكومات غربية ومسيحيون ‏إنجيليون بالولايات المتحدة لأنه يخدم أغراضاً عسكرية وسيطرة علي ثروات الشرق الأوسط.‏
‏ أما الفاشية فهي تيار سياسي وفكري من أقصى اليمين، ظهر في أوروبا في العقد الثاني القرن العشرين لهُ ‏نزعة قومية عنصرية ‏‎ ‎تُمجّد الدولة إلى حدّ التقديس، ويرفض نموذج الدولة المدنية الذي ساد‎ ‎أوروبا منذ ‏أواخر التاسع عشر القائم على الليبرالية التقليدية‎ ‎الديمقراطية البرلمانية التعددية،، وهو وصف لشكل ‏راديكالي من الهيمنة العسكرية ولا تسمح بالمعارضة للحاكم . و في فترة ما بين الحربين العالميتين وصلت ‏الفاشية إلى شكل فكري واعٍ بذاته ، وسعت الحركات الفاشية لتوحيد الأمم التي تنتمي لها عبر الدولة الشمولية ‏مروجةً للتحرك الجماعي للمجتمع الوطني ، وتميزت بالحركات الهادفة إلى إعادة تنظيم المجتمع بحسب مبادئَ ‏متسقةٍ مع الأيديولوجية الفاشية.‏
اشتركت الحركات الفاشية في ملامح مشتركة تتضمن تبجيل وهيبة الدولة، حب شديد لقائد قوي، وتشديد على ‏التعصب الوطني والعسكري. ترى الفاشية في العنف السياسي والحرب والسطوة على أمم أخرى طُرُقاً للوصول ‏لبعث نهضةٍ وطنيةٍ. ويقر الفاشيون برؤيتهم أن الأمم الأقوى لها الحق في مد نفوذها بإزاحة الأمم الأضعف.‏
أخيراً أجئ لمصطلح آخر يبغبغ به الناس يعرف بمعاداة السامية، أو اللاسامية ‏‎(Anti-Semitism)‎؛ أنها ‏عداء أو كراهية أو عنصرية ضد اليهود كمجموعة عرقية ودينية وإثنية، أي إنه عداء لليهود واليهودية، وهذا ‏كلام غير حقيقي ولا تعني الجملة المقصد في الأذهان .‏
المعنى الحرفي للسامية أو الجنس السامي تشمل العرب، بل إن الغالبية العظمى من أبناء سام بن نوح هم عرب. ‏وارتبطت ذرية شبه جزيرة العرب (الحجاز واليمن وأجزاء من العراق)‏‎ ‎بعد الطوفان بالابن الأكبر للنبي نوح؛ ‏سام، كما تعتبر اللغة العربية إحدى أبرز اللغات السامية،‎ ‎لكن رغم ذلك لا تقتصر السامية على العرب، بل ‏تشمل يهود المنطقة العربية أيضاً. لكن ما يراد الإشارة إليه من مصطلح ‏‎”‎معاداة السامية‎” ‎لا يشمل العرب قصدا ‏من اليهود الذين يتاجرون بهذه الفكرة.‏
أيضاً، يشمل الساميون عرقيات أخرى مثل الآراميون الذين سكنوا وسط وشمالي سوريا والجزء الشمالي الغربي ‏من بلاد ما بين النهرين في القرنين الثاني عشر والثامن قبل الميلاد.‏
لكن مصطلح السامية في اللغات الأوروبية يقرن بين الساميين واليهود ويوحد بينهم، ويعتقد المفكر وعالم ‏الاجتماع المصري عبدالوهاب المسيري في الجزء الثاني من كتابه ‏‎”‎موسوعة‎ ‎اليهود واليهودية والصهيونية “، ‏أن اليهود من أبناء منطقة شبه جزيرة العرب هم وحدهم الساميون، مثلهم مثل مسلمي ومسيحيي شبه الجزيرة ‏العربية، ما يعني أن اليهود من أصول عرقية غير عربية ليسوا ساميين، إذ ترتبط السامية بعرق وليس ديناً،.‏
لكن مع صعود المسيحية في القرون الوسطى في أوروبا، ارتفع العداء لليهود باعتبارهم مجموعة دينية منفصلة ‏لا تؤمن بالمسيح وترفض التحول إلى المسيحية، وحتى مع تقلص المسيحية في القرن الثامن عشر مع عصر ‏التنوير استمر العداء لليهود، لكن كمجموعة عرقية وقومية أقل منزلة. أقيم نظام الفصل العنصري في البلدان ‏الكاثوليكية الرومانية، وازدادت الحركات السياسية والدينية المعادية لليهود تحت شعارات ‏‎”‎معاداة السامية‎”‎‏ ‏
ومن هنا حُصر مصطلح ‏‎”‎معاداة السامية‎” ‎في ‏‎”‎كراهية اليهود، والذي أتعجب له هو ربط التاريخ الديني غير ‏المؤكد بما يحدث في القرن الواحد والعشرين واستخدام الدين سياسيا لتحقيق أغراض استعمارية.‏
أنظروا إلي التعريفات ، وأصول الكلمات ، وتعرفوا إلي إعوجاج المفاهيم الغربية، فبموجب التعريف ، إسرائيل من زاوية معينة دولة فاشية وعنصرية تعادي السامية ولا تحترم حقوق الإنسان ، إلا أن أجيالًا جديدة من اليهود في إسرائيل قد تقول نفس الشيء عن حماس ولكنهم لا يمكن أن يقولوا ذلك عن الشعب الفلسطيني.
أظهر لنا التاريخ أنه مع قيادة وحكمة مناسبة ، لا شيء يبقى كما هو. أعتقد أنه يمكننا أن نصل إلى حلول بين الفلسطينيين والإسرائيليين كصراع سياسي وليس ديني إذا أصبحت الإنسانية عاقلة بما فيه الكفاية لفهم أننا يمكن أن نعيش معًا..

May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات