الخميس , 9 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ – ‏العقل والحكمة والفيزياء في تفسير الأشياء‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ – ‏العقل والحكمة والفيزياء في تفسير الأشياء‎

سلسلة الجرأة علي التفكير
حسام بدراوي
العقل والحكمة والفيزياء
في تفسير الأشياء
هل يوجد إنتقام إلهي للظلم في الدنيا التي نعيشها ؟؟!!!!
دار في ذهني هذا الحوار وأنا أشاهد ازدواج المعايير وتنكيس مبادئ الإنسانية ، وغض بصر الكثير من دول العالم الغربي للقسوة والقتل والعنف والظلم الذي يقع علي الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف قرن من الزمان
نعم العنف يولد عنفاً والقتل والإرهاب يخلق قتلاً وإرهاباً وتختلط الأمور فيصبح الجاني مجنياً عليه والقتيل مجرماً تستحق أسرته العقاب
وغياب الأمل يزيد من النزعة التي تدعو الناس الي الدعاء الي الله ليخلصهم من البلاء والغريب أن هناك من الجانب المعتدي من يظن أنه علي حق ويدعو نفس الاله لينصره علي الآخر
بمرور الزمن وتجدد الأجيال تختلط الأمور وتتداخل الأحداث ويُخلق واقع جديد تراه أجيال جديدة من المعتدين وكأنه حياتهم التي ولدوا فيها ويصبح المظلوم إرهابياً والمنهوب مجرماً .
أراقب الدعوات و الإبتهالات العربية بإنتقام الرب و أخشي ادخال الله عز وجل في معادلة المكافآت الدنيوية بل الدعوة بالكوارث البيئية علي الظالم وتفسيرها تفسيرات عقابية الَهية.
قال لي شاب متحمس: نعم، فالله يُمهل ولا يُهمل.
وأنا أثق أن الله لن يتركهم ونعم يا دكتور تكون الكوارث البيئية عقاب من الله.
أنظر التاريخ البعيد والقريب ومدينة سدوم و عاموره وكل الملوك و الرؤساء الذى تكبروا وظلموا فى الارض وافتروا ، نالوا عقاباً ارضياً والشعب الذى استمال لهم خربت أراضيهم وضاعوا فى بقاع الأرض مطرودين….
قلت :
ولكن هناك نماذج عكسية أيضاً، فليس كل من ظَلم في الحياة أخذ عقوبة دنيوية
التاريخ ملئ بهم.
والقضية يجب أن تفكروا فيها بفلسفة معاكسة ، أي أن الانتصار في حرب لأن الله ينصر من هم علي حق ، أو أن يكون الفوز في رياضة مكافأة من الله هي نظرة إتكالية .
الفوز والهزيمة يا شباب مرتبط بالجهد والإعداد والعمل والتدريب ولا يجب أن نٌنسب لله في رأيي أى شر يقع في الدنيا فقد يكون خيراً ولا نعلم. فلسفتي أن الله لا يخلق سوي خيراً.. وتساؤلي يمتد، هل الأوبئة والأمراض ظلم للإنسان أم توازن للخليقة، وهل الحرائق والفيضانات وسيلة للعقاب أم هي أيضا توازن تحتاجه الكرة الارضية…!!
قال الشاب بحدة وبعض الغضب:
أول مرة أسمع تعبير أن الكوارث لازمة لتوازن الطبيعه.!!
قلت: إنّ الزلازل والبراكين والتسوناميات هي ظواهر طبيعية، تحدث بفعل تحرك القشرة الأرضية وما تحتها من صفائح أرضية، بسبب ضغط من تفاعلات الكتلة الملتهبة أسفل القشرة الأرضية، أو تمدّد وانكماش هذه القشرة نفسها، مما يُحدث هزات وكسوراً وانشقاقات. نعم ……هي توازن للكره الأرضية وهي نعمة من الخالق لبقاء الأرض حية وإلا انفجرت بما فيها. فكرة أن ذلك مرتبط بعقاب البشر تحتاج إعادة نظر.
قال: إن الله يسمع ويستجيب ويُسرع لإنقاذ المظلوم لانه إله عادل .
فما تصنعه إسرائيل وأمريكا سيأتيهم بنقمة و ويلات العقاب كما إنني أرى أيضا أن الذى يود منع خيرات الله من الماء في أثيوبيا ليستحوذ عليها لشعبه سيلاقي ضربة غير متوقعة، ليست عسكرية ولكنها فوق توقعاتنا وفهمنا. و فكره التحكم فى مصادر المعيشة التى خلقها الله ورسمها هو أمر يُظهر إستهانة بالخالق ،لذلك أيضا ننتظر عدالة السماء .
قلت له : هل فكرت لماذا عندما يحدث زلزال في اليابان بقوة تتعدَّى 6 درجات مثلًا، فإنه يجرح بضعة يابانيِّين، في حين يموت آلاف الباكستانيِّين عندما يحدث زلزال بنفس تلك الدرجة عندهم؟ إنه العلم والاستعداد والتنبؤ وليس التمني.
لا تستخفوا بالمنجَزات العلمية الإنسانية، ولا تستغلوا حدوث الكوارث، كمَدخل إلى استقطابات شعبوية تخاطب نزعات اتكالية .
يا بني، إن الدنيا ليست دار عقاب فالله يقول في القرآن: {ولو يؤاخذُ اللَّهُ النَّاس بما كسبُوا مَا تركَ على ظَهرهَا مِن دابَّةٍ ولكن يُؤخّرهُم إِلى أجلٍ مُّسمًّى{ سورة فاطر الأية 45 }
إن علاقة الأعاصير والعواصف بغضب الله، هي كعلاقة نسمات الهواء العليلة برضا الله. فكلٌّ من الأعاصير والنسمات العليلة يُصيب الأخيار والأشرار والحيوانات. فهل القحط الذي أصاب المسلمين عامَ (الرمادة) في عهد عمر بن الخطاب، كان غضبًا من الله على الصحابة والتابعين؟ وهل يصيب هذا القحط مجتمعات بعينها دون غيرها؟
هل ؛النصر في الحروب إرادة ربانية أم جهد علمي وتنظيم إنساني؟
هل عدم إستغلال موارد أغني منطقة في العالم في الشرق الأوسط وأفريقيا ،أو حوكمة إدارة بلادها بالرغم من ثرائها و هل بقاءها في ذيل الحضارة الحديثة ،عمل انساني أم أمر الهي…
لقد أعطانا الله خيراته وبحارنا مملوءة بالطعام ، وأرضناً تعوم علي مصادر الطاقة والثروة ، ومناخناً يسمح باستغلال طاقة الشمس والرياح ، و، و ، و، ومع ذلك فإننا الشعوب المقهورة والمُستغلة والفقيرة ، أهذه إرادة الله أم إرادتنا !!!!
أيصح أن نبكي علي الظلم وعلي الهزيمة بدون جهد علمي تبذله وتفوق وحضاري نسعي اليه!
قد يستشعر الإنسان في تأمُّله للكوارث الإنسانية و الطبيعية شيئًا من المعاني الروحية، التي تساعده على بناء نظرة أعمق للحياة، تستوعب آلامها ومعاناتها كما تستوعب جمالها وروعتها. ولكن النظام الكوني والخلق الإنساني الذي أبدعه الخالق، وحركة التطور الحضاري لا يَخضع للعواطف والمفاهيم الدينية . فالجميع خاضعون لقانون واحد: { إن تكونُوا تألمُونَ فإنَّهُم يأْلمُون كما تألمُونَ وتَرجُونَ من اللَّهِ ما لا يرجُونَ} سورة النساء الأية 105}
أثناء بلاء مرض الطاعون الأسود (الموت العظيم)، الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامَي 1347، وتَسبَّب في موت ما لا يقلُّ عن ثُلث سكان القارة ، كان خطاب الكنيسة الغربية يتجه إلى تفسير الكارثة، بأنها عقاب إلهي بسبب الذنوب والخطايا ،وهو استغلال للحدث لتحقيق هدف.
إن الله لم يَخلق الإنسان بلا عقل ولم يخلق العالم وَفْق منظومة السُّنَن الكونية عبثًا، وإنما لِيَدفع الإنسان إلى البحث عنها والأخذ بزمامها، ليكون هو الخليفة في الأرض بالفعل، لا بمجرد القول والادِّعاء والدعاء.. وهذا يعني ضرورة البحث في علاقة هذه الكوارث الإنسانية بواقع الحياة وقدراتنا علي الاختيار واستعدادنا لرفع الظلم عندما يأتينا من بشر مثلنا.
ابتسمت وقلت: ولا ننسى أيضًا ما تخلّفه الأنظمة الدكتاتورية التي يمثلها بوضوح النظم السلطوية السياسية الدينية والدنيوية من الضحايا والدمار، الذي قد يفُوق ما تُحْدثه العواصف والزلازل والبراكين، وغيرها ممّا نسمِّيه كوارث طبيعية و الإحتلال والقهر للشعوب من ذوينا وليس من أعدائنا.
البعض يحاول أن يعطي لنفسه سكينة أن الظالم سوف ينال عقابه وهو توجه حميد ولكني أعلم أنه اتكالي وسطحي . يا شباب الله لا يخلق إلا عالماً كاملاً، والعالم الكامل هو المستقل تماماً بذاته، والذي يتحرك وفق قوانينه الخاصة، أما إذا تصورنا العالم على أنّه في حاجة إلى تدخّل إلهي مستمر، فهذا يعني أنّه عالم ناقص. ووفق هذا التفكير فإنّ نظام الطبيعة والنمو الحضاري الإنساني هو إرادة الله ذاتها، ولا يمكن لله أن يخرج عن إرادته، ليثبت وجهة نظر لحظية في الزمن.
إن قوانين الطبيعة التي لا تفرق بين ظالم ومظلوم، فقد خلفها الله وجعلها تعمل تلقائيا لذلك هي لا تفرق بين عقيدة وأخرى ومؤمن وكافر …
أن الفيزياء الإلهية الطبيعية و منها تكوين العقل البشري و تنوع نشاطاته،
و التي تُمكّنه من تأمل قوانين الكون و البحث والاختراع وتوقع الطفرات و المفاجآت و تعديل المعادلات، والاستعداد بالعلم والمعرفة هو من ينقذنا من الظلم وليس الدعاء والبكاء.
من ينقذنا من ظلم غيرنا هو تطبيق العدالة بيننا ، هو عدم ظلم مواطنينا بحسن إدارة شعوبنا وأؤمن ” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ “
May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات