الخميس , 9 مايو 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / من هم الأصدقاء ومن هم الأعداء؟

من هم الأصدقاء ومن هم الأعداء؟

من هم الأصدقاء ومن هم الأعداء؟ لماذا الجفاء بين مصر وإيران وهل إيران عدو حقيقى لمصر؟!، أين مصر فى الترتيبات الإقليمية التى تحدث الآن؟ هل حددنا من هو العدو التاريخى وعيوننا على الصديق المتحول؟. كل هذه الأفكار دارت فى ذهنى وأنا أفكر فى فلسفة سياستنا المستقبلية. سألت وزير خارجية مصريًا مرموقًا سابقًا، مَن الذى يصنع سياسة مصر الخارجية؟، وكيف يتم صنع التوجهات وتحديد الأهداف؟. قال: قصر الرئاسة، والمخابرات العامة، والخارجية، ويعتمد دور الخارجية على شخصية الوزير إلى حد كبير، فيقدم بدائل مدروسة أو يكون مُنفذًا فقط لما يمليه رئيس الجمهورية وفريق عمله.. وهناك بعض القضايا التى تتغلب مؤسسة على الأخرى فى أخذها علئ عاتقها، حسب سخونة الأحداث وحدتها.. تساءلت مرة أخرى بينى وبين نفسى، عن مؤسسية إتخاذ القرارات، حيث لا نعلم شيئا كمواطنين فاعلين عن لماذا نقترب من بلد ولماذا نبتعد أحيانًا؟، ونجد عدو الأمس صديقًا، وصديق الأمس عدوًا صريحًا أو من «تحت لتحت» كما يقولون فى الأمثال. وكما أعلم فإن المصالح تتصالح، وتتغير موازين القوى حسب قوتنا الإقتصادية، وتماسكنا الداخلى بدون هشاشة تعرض البلاد للأخطار لأتفه الأسباب، وعلى مدى قوتنا العسكرية المؤثرة فى الأحداث.
إذن تتغير سياستنا الخارجية حسب نوعية إحتياجنا لغيرنا ومداه وحدته، وعلى مدى إحتياج غيرنا لنا كأكبر سوق تجارى فى المنطقة، وبقوى بشرية تتخطى الحدود الجغرافية، وحسب قدرتنا على مواجهة التهديدات العسكرية، أو قدرتنا الافتراضية على تهديد غيرنا من الدول.
عندما كانت مصر فى حرب مع إسرائيل، فى ظل ثنائية القطبية العالمية، كانت الولايات المتحدة تضعنا فى أولوياتها لتاثيرنا على أمن المنطقة، واسرائيل بالذات.. وعندما تصالحنا، ولم نجد البديل لهذا للتأثير، وفقدت مصر أولويتها لدى الغرب بشكل كبير للأسف.. نحن لم نملأ فراغًا تركه الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلام بتنمية مستدامة تجعل الطلب على العمالة المصرية أكبر، ولا بتنمية اقتصادية تجعل الجميع يلهث وراء السوق المصرى الواسع.. والآن بتصالح الخليج الغنى، والذى يسير فى طريق حداثة مرموق مع العدو التقليدى، بل وفتح مجالات تعاون أغلقناها نحن معه [رغم أخذنا مبادرة السلام قبله]، وتغير ميزان القوه العالمى، مع أحادية قطبية وثنائية فى معايير الولايات المتحدة وبريطانيا بالذات أدت إلى دمار العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان، وأعتقد أن على مصر خلق دورٍ لها يختلف عما كان، ووضع اعتبارات المستقبل فى حسبانها. وسؤالى هنا، هل يستطيع فرد وحده مهما كانت إمكاناته كرئيس أو ملك، وحتى لو كان معه مساعدون أن يحدد خطوات المستقبل؟، إن المتغيرات أصبحت يومية، أليس واجبًا علينا أن ننشئ مؤسسات بحث ودراسة متخصصة، ويكون لدى صانع القرار عشرات من الدراسات، الحالية والمستقبلية، بل وأذهب إلى أبعد من ذلك وأقول أنه بتعدد المداخل والأفعال فلابد من إدخال الذكاء الاصطناعى وأجهزته ووسائله مع العقل البشرى لاستيعاب الكثير وتصور الاحتمالات لكل موقف مستقبلى. ودعونى أذهب إلى أبعد من ذلك مرة أخرى، وأقول أنه يلزم أحيانًا، كما يفعل غيرنا، خلق انطباعات، والعمل على جعلها حقائق كما فعلت بنا الأجهزة الدعائية المخابراتية فى ظروف متعددة، وأدت إلى قيام ثورات وتدمير لاقتصاديات كان من الممكن أن تقود تنمية فى المنطقة. عندى عشرات التجارب التى تثبت صدق النظرية بل وفاعليتها. لابد أن نفكر، وأن نبادر ولا نظل واقفين فى انتظار حدوث الأحداث لنكون مجرد رد فعل لها، مما يقلل من قدرتنا على المبادرة.
هذا يعنى أن يكون لنا فلسفة فى إدارة سياستنا الداخلية والخارجية، فما هى؟
بالقطع ليست فلسفة الوساطة، وبالتأكيد ليست فلسفة الاستكانة والكمون، وأتصور أن دوائرنا الخليجية والعربية والأفريقية تحتاج أن يكون لنا فيها لون ولابد أن نجد ميزتنا التنافسية مع كل دائرة.
ما هى قوتنا الذاتية التى تجعل مصر أثقل فى الميزان ؟!
فى وقت من الأوقات كانت فلسفة مصر تصدير الثورة ضد الاستعمار التقليدى مما خلق لنا مؤيدين وأعداء، وفى وقت من الزمن القريب كانت القوى الناعمة المصرية هى خالقة وجدان كل العرب وكانت فلسفة مصر إنتشار ذلك وتنميته، بل وتمويله وفتح باب حرية الإبداع فيه.
كانت فلسفة مصر تصدير العمالة المصرية، وبدأت بالمدرسين الذين انتشروا فى كل البلاد العربية وعلموا أبناءها، وأغلب جيل القادة العرب الأول والأفارقة تعلموا فى جامعات مصر وتخرجوا فيها.
كان التعليم والثقافة وسيلتنا للتأثير، مما جعل لمصر مكانة.. أما العمالة الفنية، فكانت عماد التنمية فى الدول العربية نظرا لكفايتها وكفاءتها ورخص سعرها، فكان لمصر الملايين من الفلاحين والعمال فى تلك البلاد.
ماذا الآن؟
من الذى يدرس ويحلل ويبحث الآن فى خلق مداخل تأثير جديدة، أفريقيًا وعربيًا بل وأوروبيًا وعالميًا؟.
أمامنا عمل كبير وكبير لبناء الداخل ليكون لنا قيمة فى الخارج ونحتاج إلى فلسفة وخطة ومتابعة تطبيق، ولكن قبل ذلك يجب أن يكون لنا رؤية مرنة، تحتفظ بالتوجه،
وتبادر فى إطار إيجابى.

التعليقات

التعليقات