الإثنين , 19 مايو 2025
الرئيسية / د. حسام بدراوي في عام 2025 / الكاتب المغربي دكتور فتحي خالد يحلل المجموعة القصصية ” أنا بنت مين ” للدكتور حسام بدراوي

الكاتب المغربي دكتور فتحي خالد يحلل المجموعة القصصية ” أنا بنت مين ” للدكتور حسام بدراوي

الكاتب المغربي دكتور فتحي خالد يحلل المجموعة القصصية ” أنا بنت مين ” للدكتور حسام بدراوي
د. خالد فتحي
قبل عامٍ ونيّف، قرأت » الكيميرا » باكورة الدكتور حسام بدراوي في عالم القصة، وها أنا اليوم أجدني مشدوداً مأخوذا مجموعته الثانية، « أنا بنت مين؟ »، بعد أن اقتنيتها من مكتبة مدبولي العريقة بميدان طلعت حرب. وفي ركنٍ هادئ من مقهى « الحارة »، المتواري في زقاقٍ جانبي قريب من ميدان التحرير، شرعتُ أتصفح حكايات بدراوي، متتبعاً خيوطها واحدةً تلو الأخرى. تُطلّ كل حكاية على بيئة مصرية خالصة، وكأنها وُلِدَت من رحم الواقع، ثم صاغها خيال كاتبٍ مبدعٍ يمتلك قدرةً فذّةً على المزج بين الحقيقة والخيال.
الْتهمتُ القصص الست الأولى دفعةً واحدة، ثم غدا الكتاب رفيقي في رحلة لي من القاهرة الصاخبة إلى السليمانية الهادئة بكردستان العراق، وهناك أتممتُ قراءة بقية المجموعة. فلا مجال للتمهّل في قراءة نصوص بدراوي؛ ذلك أنه كاتبٌ يتقن امتلاك أدواته الإبداعية، ويأخذ قارئه في رحلة آسرة عبر عوالم شتى تمتد من الطب والسياسة والتاريخ والجغرافيا، مرورًا بالذكاء الاصطناعي، ووصولًا إلى عمق التجربة الثورية.
على غلاف المجموعة، آثر الدكتور بدراوي ألا يصنف نصوصه تحت لافتة « القصص القصيرة »، بل وسمها بـ «حكايات وحوارات »، موضحًا في مقدمته أنها تحمل روح القصة ونكهتها. غير أنني أرى في هذا الاختيار تواضعًا جمًّا لا يحجب عنا براعته الفائقة في فن القصة القصيرة. فمن الواضح أنه نهل من معين كبار هذا الفن، وتشرب أصوله ومبادئه، وحتى حين يتجاوز القوالب التقليدية، فإنه لا يغادر فضاء هذا الفن الرحب، بل يشقّ فيه دروبًا جديدة تحمل بصمته المتفردة.
إنها قصة تثير الحيرة والقلق، قد تكون وليدة خيال طبيبٍ واسع الأفق، أو ربما تعكس تجربةً واقعيةً مرّ بها الكاتب أو شهدها عن كثب. لكن المؤكد أنها تطرح سيناريو ممكن الحدوث في عالمٍ تتشابك فيه خيوط التكنولوجيا المتقدمة مع أعمق المشاعر الإنسانية. تدق القصة ناقوس الخطر، وتطرح أسئلة وجودية مقلقة حول مستقبلنا كبشر، في زمنٍ قد تتحول فيه البويضات والنطاف إلى مجرد سلعٍ قابلة للتداول في الأسواق، مما يهدد بتجريد الجسد البشري من إنسانيته وقداسته.
بين صرامة العلم وعمق الفكر، بين حنكة السياسة ورهافة الفن، بين منطق العقل ودفء العاطفة. حسام بدراوي لا يكتب بالكلمات وحدها، بل يكتب بتجربته الحياتية الثرية، بتاريخه الشخصي الذي يتقاطع مع تاريخ وطنه، وبإحساسه الصادق بنبض هذا الوطن. كتابه هذا بمثابة دعوة مفتوحة للحوار والتأمل، وللبحث الدؤوب عن المعنى والقيمة في عالمٍ يموج بالتحديات والتغيرات المتسارعة.
إنه لا يقدم لنا إجابات جاهزة أو حلولًا سحرية، بل يضعنا بذكاءٍ أمام أسئلة كبرى، نعيشها يوميًا ونفكر فيها ونتجادل حولها. ولكنه يفعل ذلك دائمًا بلغةٍ إنسانيةٍ دافئة، تحترم عقل القارئ وتستفزه فكريًا، وتحثه على ألا يكفّ عن السؤال.
« أنا بنت مين؟ » ليست مجرد مجموعة قصصية أخرى تُضاف إلى رفوف المكتبات، بل هي محاولة جادة وصادقة لالتقاط روح الواقع المعاصر، بكل تناقضاته الصارخة، وأحلامه المؤجلة، وجراحه الغائرة، وبكل ما تبقى فيه من بصيص أملٍ لا يموت.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠